يامغرور ونسيت القبور
قلنا لأحد العلماء النبلاء الأولياء عظنا موعظة للقلوب موقظة فإن قلوبنا بالذنوب مريضة وأجنحتنا بالخطايا مهيضة فنحن قد أدمنا الذنوب وعصينا علام الغيوب حتى قست منا القلوب.
فقال: وأحر قلباه وكرباه يارباه ,ياابن ادم تذنب ولست بنادم الأنبياء يبكون والصالحون يشكون. تتابع المعاصي وتستهين بمن أخذ بالنواصي. ويحك؟! كيف تلعب بالنار وتستهين بالجبار يغديك ويعشيك يقعدك ويمشيك ثم تنهض على عصيان أمره مع علو قدره وعظيم قهره. ويلك هذا الملك كسر ظهور الأكاسرة وقصر بالموت امال القياصرة وأرغم بالجبروت أنوف الجبابرة ,الروح الأمين وجل مسكين من خوف القوي المتين , ومحمد يتهجد ويتعبد وهو الذي دعا كل موحد .
أين عقلك يا مغرور هل نسيت يوم العبور وساعة المرور كل طائر من خوفه يخر صريعا وكل كاسر يئن من خشيته وجيعا , أبو بكر انتفض من خوفه كالعصفور وصار صدره بالنشيج يفور, وسقط الفاروق من الخشية على الرمال حتى حمل على أكتاف الرجال.
وبقي ذو النورين من منظر القبر يبكي يومين وهذا علي بن أبي طالب دموعه من التذكر سواكب ,كان عمر بن عبد العزيز يرتعد ولصدره أزيز ويقول: ياقوم اذكروا صباح ذلك اليوم.
ويلك والله لو أن القران نزل على صخر لتفجر ولو هبط على حجر لتكسر , وتقرأه وأنت لاه ساه تتفكر في المنصب والجاه كأن مرور الليالي لا يؤثر فيك وكأن الكلام لا يعنيك تدفن الاباء والأجداد وتفقد الإخوة والأولاد وأنت لازلت في إ‘صرار وعناد ,سبحان الله تغتر بالشباب وتتزين بالثياب وتنسى يوم يهال عليك التراب.
لا تغفل عن ذكره ولا تنسى شكره ولا تأمن مكره ,هو الذي عفر بالطين أنف فرعون اللعين وفرق جنوده أجمعين إذا غضب دمر المنازل على أهلها وسوى جبالها بسهالها , شاب رأسك وما خف بأسك ومازال في المعاصي فأسك ,مالك ماتردك الايات ولا تزجرك العظات ولا تتذكر الأموات مصر متكبر ترتكب كل أمر منكر .
سمع ابن وهب اية(وإذ يتحاجون في النار) فسقط مغشيا عليه في الدار ثم مات في اخر النهار,سمع عمر بعض السور فبقى مريضا شهر وصارت دموعه نهر , قرأ سفيان سورة الزلزلة فكأنها أصابت مقتله ,بعض الصقور تسقط من السماء وإن من الحجارة لما يتشقق منه الماء وأغمي من الخشية على كثير من العلماء .
ويحك خف ربك وراجع قلبك واذكر ذنبك , موسى خر من الخوف مغشيا عليه مصعوقا , ويوشع صار قلبه من الوجل مشقوقا وبعضهم أصبح وجهه من الدموع محروقا . كيف تصبح وتمسي والرسل كل يقول نفسي نفسي .
أعجبتك القصور يامغرور ونسيت القبور ويوم النشور يوم يحصل مافي الصدور .
والذي نفسي بيده ماتساوي الدنيا فتيلة , ولا تعادل في القبر أول ليلة يوم تطرح فيه وليس لك حيلة . استنفق مالك وراجع أعمالك وزن أقوالك .
تشاهد المصارع وتسمع القوارع وتنهال عليك الفواجع تنسى الرب يا ميت القلب الصحابة من الخوف مرضى وطلحة ينادي اللهم خذ من دمي حتى ترضى .
ويلك أنت مهموم بالقرش والفرش والكرش وسعد يهتز لموته العرش , جعفر تقطعت بالسيوف أوصاله وارتفع بالفرح تهليله وابتهاله .
تهاب الوضوء إذا برد الماء وحنظلة غسل قتيلا في السماء .
تعصي حي على الفلاح ومصعب بن عمير قدم صدره للرماح ما تهتز فيك ذرة والموت يناديك في كل يوم مائة مرة . والله لو أن في الخشب قلوب لصاحت ولوأن للحجارة أرواح لناحت ,يحن المنبر للرسول الأزهر والنبي الأطهر وأنت لا تحن ولاتئن ولا يضج بكاؤك ولا يرن .
بعض الصالحين أتى لينام فترك الفراش وقام وأخذ يحوم كما تحوم الحمام قالوا مالك قال: تذكرت (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) وهذه الاية كافية.
سعيد بن المسبب الإمام المحبب والزاهد المقرب ذهب عيناه من كثرة الدموع واصفر وجهه من الخشوع وهو مابين سجود وركوع ,يزيد بن هارون الإمام المأمون عمي من البكاء فما أنّ ولا اشتكى فقالوا له: ما فعلت عيناك الجميلتان .
فقال: أحتسبهما عند الواحد الديان أذهبهما بكاء الأسحار وخوف الواحد القهار .
والله إن فينا علة ننام الليل كله كأنا لسنا من أهل الملة .
الملك حمل الصور لينفخ والملائكة تكتب عليك وتنسخ وأنت بالذنوب ملطخ.
كا ابن البراك من البكاء يخور كأنه ثور منحور , وابن الفضيل يموت في الصلاة لأنه سمع قرأنا تلاه
ترك ابن أبي ذئب القيام لأمير المؤمنين وقال ذكرت يوم يقوم الناس لرب العالمين .
كان ميمون بن مهران كأن عينه نهران حفر له في البيت قبر إذ راه فكأنه ينقر في قبره نقر ياويلاه القبر القبر.
وبناء على طلبكم في الإكمال فلنبدأ:
أحد السلف كان يقول :يامغرور إن كنت تظن أن الله لا يراك وتفعل هذه الأفعال ف
أنت شاك فما غرك وألهاك, وإن كنت تعلم أنه يبصر أفعالك ويرى أقوالك ثم تتجرأ على محارمه وتستهين بمعالمه فقد سلب قلبك وأخذ لبك.
كان ابن تيمية يمرغ وجهه في التراب وينادي ياوهاب يافاتح الأبواب الطف بنا ساعة الحساب وأنت ميت الإرادة ظاهر البلادة عريض الوسادة .
الملائكة يسبحونن الليل والنهار لايسأمون يذكرون ربهم لا يملون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايأمرون ولم يعملوا سيئات ولم يقترفوا خطيئات ولم يرتكبوا موبقات ونحن أهل العصيان والتمرد والنكران ومع هذا ترانا لاعبين وفي طريق اللهو ساريين ولكأس الغفلة شاربين الأمر فصل وجد وليس بالهزل يوم قمطرير شره مستطير تكاد القلوب منه تطير تذهل المرضعة عما أرضعت وتسقط الحامل ماحملت وترى كل نفس ما عملت الخلائق تضيق نفوسهم والولدان تشيب رؤوسهم أراد علي بن الحسين أن يلبي على الراحلة فسقط من الخوف بين القافلة فلما أفاق قال للرفاق أخشى أن أقول لبيك فيقول لا لبيك ولا سعديك مع إنه زين العابدين وريحانة المتهجدين لكن القوم عرفوا ربهم فبكوا ذنبهم وجمعوا خوفهم وحبهم .
فيا صاحب العينن التي لا تدمع والنفس التي لاتشبع والقلب الذي لا يخشع إلى متى تؤجل التوبة؟!
العمر قصير والشيب نذير والدار جنة أوسعير .
نراك تضحك كأنك أتاك أمان من الملك الديان .
مالك لا تحزن؟!هل عبرت الصراط حتى تأمن الندم على ما فرطت أحسن
يا مسكين :ابراهيم الخليل وهو النبي الجليل بكى ذنبه ودعا ربه وقال :
(والذي أطمع ان يغفرلي خطيئتي يوم الدين) فكيف بنا نحن المذنبين .
خلقك فسواك وأطعمك وسقاك وأواك وكساك ومن كل بلاء حسن أبلاك ثم تعصيه وهو يراك .
نسجت لنا الأكفان أعمارنا
ونظل نضحك مالنا تفكير
أوما ذكرت القبر أول ليلة
يلقاكا فيها منكر ونكير
اعلموا جميعاً أن :.
أحسن ماء دموع التائبين وأعظم حزن حزن المنبين وأهنأ نعاس نعاس المتهجدين وأجمل لباس لباس المحرمين.
ماألذ جوع الصائمين ماأسعد تعب القائمين ما أكرم بذل المتصدقين ,أين المباني والمغاني أين الغواني والأغاني أين الأفراح والتهاني أين من شاد وساد أين ثمود وعاد أين قحطان وعدنان
وفرعون وهامان أين ملك سليمان أين أصحاب الأكاليل والتيجان . ((كل من عليها فان))
فهل زرت المقابر أم هالتك تلك المناظر أما رأيت القوم صرعى الدود في عيونهم يرعى
عن الحديث سكتوا وعن السلام صمتوا .الظالم بجانب المظلوم والمنتصر بجانب المهزوم والضعيف مع الأمير والغني مع الفقير وانظر الى المغمور والمشهور والغالب والمقهور ذهب الحسن والجمال والجاه والمال وبقيت الأعمال.أموات يتجاورون وولا يتزاوارون