عن أبي العباس سَهل بن سَعْد الساعدي رضي الله عنه قال :
"جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله !
دُلَّني على عمل إذا عملته أحبَّني الله وأحبَّني الناسُ،
فقال: "ازهد في الدنيا يُحبّك الله، وازهد فيما عند الناس يُحبّك الناس"
حديث حسن، رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة.
1- أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرصُ الناس على كلِّ خير،
وأسبقُ الناسإلى كلِّ خير، وقد حرص هذا الصحابيُّ على معرفة ما يجلبُ له
محبَّةَ الله ومحبَّة الناس،
فسأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هذا السؤال.
2 - قوله: "ازهد في الدنيا يُحبّك الله"،
بيَّن صلى الله عليه وسلم أنَّ محبَّة الله عزَّ وجلَّ تُحصَّلُ بالزهد في الدنيا،
وأحسن ما قيل في بيان المراد بالزهد في الدنيا
ترك الإنسان كلَّ ما يشغله عن الله،
كما نقله الحافظ ابن رجب في شرحه جامع العلوم الحكم (2/186)
عن أبي سليمان الداراني، فقال:
"وقال أبو سليمان الداراني: اختلفوا علينا في الزهد
مَن قال: الزهد في ترك لقاء الناس، ومنهم مَن قال: في ترك الشهوات،
ومنهم مَن قال: في ترك الشِّبع، وكلامهم قريب بعضُه من بعض،
قال: وأنا أذهب إلى أنَّ الزهدَ في ترك ما يشغلك عن الله عزَّ وجلَّ. وهذا الذي
قاله أبو سليمان حسن؛ وهو يجمع جميع معاني الزهد وأقسامه وأنواعه".
3 -قوله: "وازهد فيما عند الناس يُحبّك الناس"، الناسُ حريصون على المال
والمتاع في الحياة الدنيا، والغالب عليهم إمساكُ ما فيأيديهم وعدم الجود به،
قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا
وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}،
ولا يُعجبهم مَن يطمع فيما عندهم أو يتطلَّع إليه، فإذا استغنى الإنسانُ
عنهم نال إعجابهم وظفر بمحبَّتهم، وإذا ظفر بمحبَّتهم سلم من شرِّهم.
** مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 -حرص الصحابة على ما يجلب لهم محبَّة الله ومحبَّة الناس.
2 - إثبات صفة المحبَّة لله عزَّ وجلَّ.
3 - أنَّ الخيرَ للعبد في محبَّة الله إيَّاه.
4 - أنَّ مِمَّا يجلب محبَّة الله الزهدَ في الدنيا.
5 - أنَّ زهدَ المرء فيما في أيدي الناس سببٌ في محبَّتهم إيَّاه، فيحصِّل
خيرَهم ويسلم من شرِّهم.