سافرتُ إلى السعودية قبل قربت ثمانية عشر سنة والتحقتُ بإحدى الشركات فيها كان تعامل المستثمرون السعوديين راقي معي وفي قمة الروعة,لم أجد هناك أدنى تمييز بين وبينا زملائي السعوديين وكنتُ آحضى بتعامل جميل من رفاقي في العمل ,تزوجتُ بعدها وعشتُ في المملكة , كان لنا جيران سعوديين في منتهى الأخلاق وطيبة التعامل ،عوضونا عن بُعد الأهل وطمسوا عنا معالم الغربة ، رزقنا الله أنا وزوجتي بطفلين بنت وولد كبرى وترعرعا على أرض هذه البلاد الطاهرة وتعلم فيها ايضاً, كلما ظفرتُ بإجازة من عملي اقضيها في رحاب مكة والمدينة وقليلاً ما نعود الى الديار ,وكلما أعود من بلدي الأم الى أرض المملكة أجد الفارق الكبير والشاسع بينا وطني وبين هذا البلد من حيث الأمن والأمان وترابط الاجتماعي وفعل الخير والاستقرار.
مرت الأيام بسلام حتى إنبثقت شرارة الإرهاب
سأني كثيراً ما حدث في الآونة الأخيرة من أحداث تفجيرٍ وقتلٍ للآمنين على يد بعض المغرر بهم ,تفطرا قلبي من أجل هذه البلد وأهله ودارت التساؤلات في عقلي ... أيُعقل أن يحدث مثل هذا في بلاد الحرمين ؟!
كنتُ وقتها في إجازة وقضيتها خارج المملكة وعندما عدتُ الى هذا البلد ولحظة وصولي الى المطار لم أتمالك نفسي سحبتُ يديّ من كفيّ طفلاي وسجدتُ لله والدمع ينهمر من عيناي ثم اعتدلتُ من سجودي ورفعت يدي داعياً ( الله يحميكِ يالسعودية ) ..
كان ما سبق من كلامٍ لأحد المقيمين العرب في دولتنا الغالية استشعر النعمة التي عاش فيها طول هذه السنيين وأحس بالفرق الشاسع بين الكثير من الأوطان وهذا الوطن .
مرت جمعة الغضب كما زعم المرجفون وكان الكل قلقلٍ مما سيحدث من فتنةٍ يديرها حاقدين ومُبغضين لهذا الوطنا الغالي , كنتُ وقتها أيّ يوم الجمعة على سرير المرض في إحدى المستشفيات الحكومية التي توفر العلاج مجاناً لمن يدخلها مريضاً من المواطنين,كان يدور في ذهني تصور لما سيحدث في هذا اليوم, كنتُ أنظرُ الى تلك الأسِرة التي يكسوها البياض وأحدث نفسي بحديثٍ متشائم.... هل يا ترى ستحضن ألحفتها الناصعة البياض مُصابون من جراء هذه المظاهرات الحاقدة ؟؟!
أتعوذ من الشيطان الرجيم ومن هذا الوساوس وأدعوا الله أن تمر هذه الظروف الراهنة على خير .
في المساء زارني أحد الأقارب بادرته بالسؤال عن الأوضاع في الخارج.
تبسم وقال لا تخف الدنيا بخير وعافية
كنتُ قد عزمتُ على الخروج معه فقد مللتُ المكوث على سريري ومللتُ أيضاً الانتظار وفضولاً مني لإلقاء نظره على سير الحياة في الشارع .
وقعتُ على الخروج على مسؤوليتي الشخصية وانصرفنا , كنتُ أتفحص بنظري العالم من حولي , الحياة طبيعية جداً لا يكدرُ صفوا عيش هؤلاء الآمنين شيء.
الكل يزاول نشاطه بكل يسرٍ وسلاسله المنتزهات تعج بالعوائل والاسوق كذلك لا وجود لشيءٍ مما ذكر, ما عدا الاحتياط الأمني المكثف كنوع من الاحتراز لوقوع أيّ طارئ لا سمح الله .
شعرتُ بسعادة تشق عظام صدري على هذه النعمة التي يغبطنا عليها الكثير من البشر فوق هذهِ الأرض.
أيُّها السادة:
قد نختلف مع الدولة أو مع سياسية ولاة الأمر في أي زمانٍ ومكان , وقد يطور الأمر ويصل الخلاف إلى درجةٍ شديدةٍ من النقد وربما قد يخرج المرء من طوره في ذلك ورزانته,ولكن مهما حصل ومهما كان لن نساوم على سلامة وأمن وأمان وطنا وحمايته من كيد الحاقدين والمتربصين بنا, فسفينة الوطن تتعرض للقصفٍ بل هوادة والاغتيال من جميع الجهات,ومن كل حدبٍ وصوب.!
لقد حان الوقت لأن نصفي جميع خلافاتنا مع حكامنا وولاة أمرنا وأن نقف بجانبهم صفاً واحداً مستقيماً ونشد من سواعدهم و نؤازرهم وأن ندعو لهم بظهر الغيب وندعمهم بالقول والعمل والنصح والإرشاد لما فيه خيرٌ وصلاحٌ للجميع.
لقد حان الوقت من أن نغض الطرف عن جميع الأخطاء بل كل الأخطاء وكفى اختلافاً وتفرقاً وشتاتاً إنما ذلك والله يجعلنا لقمةً سائغةً للأعداء الذين يترقبون الفرصة السانحة لتمزيق هذا البلد الآمن شر ممزق .
وطناً الغالي يمرُ بدوامةٍ خطيرٍة للغاية,ولا بد من أن نستشعر هذا الخطر إذا كان لنا ضمير وحسي وطني تجاه,فالمصير واحد ولا مناص ولا تهرب من مواجهة أعداء الوطن .
ولنتذكر أن الله يغفر الذنوب كلها فألا نغفر نحن ؟!!
اللهم احفظ ملكنا أبو متعب
واحفظ شعب امتنا الإسلامية والعربية وثبتنا علي العمل الصالح ورسخ أقدامنا علي طاعة الرحمن وابعد عنا شر العابثين .
اللهــــــــــــــــم آمــــــــــــين يارب العالمين
منقوووول