الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون ، وبعد له ضل الضالون لا يسأل
عما يفمل وهم يسألون ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له...
أحمده سبحانه حمد عبد نزه ربه عما يقول الضالمون وقدسة عما يزعمة
الملحدون والمشركون تعالى الله عن ذلك علوا كثيرا..
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون واعلموا
ياعباد الله أن اللهسبحانه وتعالى جعل الحياة الدنيا مزرعة اللآخرة
ومضمارا لتنافس العباد حتى يصل العباد الى ما أعد الله لهم في الآخرة
بما وصفه ودعا عباده اليه بقوله تعالى:
{ وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}
واذا نظرنا الى اتجاهات الناس ومذاهبهم في تفسير السعادة نجدها قد تباينت:-
فمنهم من يرى السعادة في جمع المال وتوفير الملذات ، ومنهم من يرى السعادة
في الحصول على الشهادات العلمية ، ومنهم من يرى السعادة في المناصب
العالية وقيادة الناس وتولي امورهم ..
وعندما يستعرض المسلم نهاية هذه الاتجاهات يرى أن نهايتها تتوقف في الحياة
الدنيا ولاتتعداها الى الآخرة التي هي دار المقام . مع ما يترتب عاى ذلك
من الأثم والتقصير وارتكاب المحرمات وترك الواجبات الا من عصم الله..
عندما يستعرض المسلم ذلك يتبين له أنالسعادة الحقيقية هي التي تتمثل
في اتباع منهج الله سبحانه واتباع مرضاته وسلوك الأسباب الموصلة الى ذلك
المتمثله فياخلاص العبادة لله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم والاستجابة
لأوامرالله سبحانه وتعالى والانتهاء عن زواجرة يقول الله تعالى
{يأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله
يحول بين المرء وقلبه }
ويقول تعالى:-
{قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى
فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشرة يوم القيامة
أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتكءاياتنا فنسيتها وكذلك
اليوم تنسى وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بايات ربه ولعذاب الأخرة أشد وأبقى }
فباتباع هدى الله سبحانه تحصل السعادة الأبدية التي ينبغي أن تبذل في سبيل تحصيلها
المهج وتفنى فيها الأوقات...
ولكن زخارف الدنيا وزينتها دائما حائلآ دون وضوح هذه الغاية وهذه الحقيقية التي
سعى اليه السلف الصالح فآثروا الآخرة وأعرضوا عن الدنيا وزخارفها فحصلت لهم
السعادة الدنيوية بزوال هموم الدنيا وغمومها عنهم ويقول بعض العلماء العباد
:إننا في سعادة لوعلم بها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف .
ونالوا السعادة الأخروية بالعمل لها والجد في طلبها
فاتقوا الله عباد الله ولا تغرنكم الحياة الدنيا بما فيها من زهرة العيش ولذاته
واعلموا ياعباد الله أن الدنيا عرض زائل يأكل منها البر والفاجر والمؤمن
والكافر والأخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر يوفى الصابرين أجرهم بغير حساب
واعلموا أن الخير كله بحذافيره في الجنة فأذلجوا في السير إليها واعلموا
أن الشر كله في النار فاجتهدوا في الهرب منها ولا تستلذوا بشهواتها
يقول تعالى:
{ يوم يأت لا تكلم نفس إلابإذنه فمنهم شقى وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم
زفير وشهيق خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلاما شاء ربك
إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السموات
والأرض إلاما شاء ربك عطاء غير مجذوذ }