ما أسعد الزوجة الصبورة
--------------------------------------------------------------------------------
ما أسعد الزوجة الصبورة!
حين أكرمها الله بهذا الخلق الكريم, ومنحها هذا الحظ الوافر, قال صلى الله عليه وسلم "ما أعطي أحد عطاءً خيرًا و أوسع من الصبر" متفق عليه
فهنيئا لك سيدتي إن كنت من أهل الصبر, فإن الصابرين يعيشون في معية الله " إن الله مع الصابرين" سورة البقرة(153) ويسعدون بحب الله " والله يحب الصابرين" آل عمران (173) فما أجملها من حياة! وما أكرمه من خلق!افهمي لغة زوجك!
شاءت حكمة الله أن نكون مختلفين, فكما لا يوجد اثنان متطابقان في بصمات اليد أو العين أو الصوت فإنه كذلك لا يوجد اثنان متطابقان في الطباع والأفكار والنفسيات, والرجل والمرأة تحديدا بينهما اختلاف فطري وصدق الله حين قال : "وليس الذكر كالأنثى" مريم (36) فهما كمن يتكلمان لغتين مختلفتين فهذا يتحدث العربية والآخر يتحدث الفرنسية, فلن يتفاهما إلا إذا تعلم كل منهما بعضا من لغة الآخر, بمعنى أن يتفهم كل منهما نفسية الآخر وطباعه وشخصيته وميوله ورغباته, فالرجل مثلا يعبر عن مشاعره بالأشياء العملية الملموسة كتقديم الخدمات وتلبية الطلبات وإعطاء الهدايا وهو بهذا كأنه يقول لزوجته: إنني أحبك؛ لأنني أوفر لك كل ما تطلبين, فهذه طبيعة الرجل وهذه لغته! بينما طبيعة المرأة على خلاف ذلك, فإنها تصبر على شح المال وقلة العطاء, لكنها لا تصبر على شح العواطف وجفاف المشاعر! فهي تريد من يشنف آذانها بين الحين والآخر بكلمات الحب والغرام, فهذه طبيعة المرأة وهذه لغتها كذلك! فإذا ما تفهم كل من الزوجين لغة الآخر وراعى طبيعته, اقتربت بينهما المسافات, وذللت كثير من العقبات, ومع ذلك ستبقى مساحة ليست قليلة من الاختلاف بينهما, تحتاج إلى صبر جميل وقدر من التنازل كبير, حتى يتعود كل منهما على الآخر, وتذوب الحدود ويندمج الاثنان حتى كأنهما شخص واحد, وهذا يحتاج إلى كثير من الصبر وكثير من الوعي كذلك.زوجي غريب الطباع!
بعض الفتيات يجمح بهن الخيال بعيدا.. فتتوهم أنها ستتزوج ملكا كريما أو نبيا معصوما! وترسم في صفحة خيالها صورة وردية رومانسية لفارس الأحلام, ليست موجودة إلا في القصص والأفلام! ثم بعد الزواج تصطدم بالحقيقة, إنه شخص غريب الطباع! لا تطاق عشرته, ولا تتحمل طبيعته, إنه لا يعرف كيف يتعامل مع النساء! فتنزعج لهذا الواقع الذي أصبحت فيه, وما تلبث شهورا بعد الزواج حتى ينفد صبرها وتريد خلاصها, ويتحول الحلم إلى كابوس مزعج وشبح مخيف, حتى تقول بعضهن :"هربت من نار العنوسة إلى جحيم الزواج, أريد الطلاق!"و أصبحت كلمة الطلاق من الكلمات السهلة على ألسنة حديثات الزواج وذلك لأنهن لم يتهيأن للزواج بشكل صحيح... أفيقي بنيتي, إن أي رجل على وجه الأرض وكذلك المرأة, إنما هو بشر يخطئ ويصيب, يعتريه النقص, وتكتنفه العيوب, فمن أرادت زوجا بلا عيب عاشت بلا زوج!
وصدق الشاعر:
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه؟!
فعش واحـــــــدا أو صل أخاك فإنه
مقــــارف ذنـــب مـــرة ومجــانبه
تمهلي قبل أن تندمي!
وهناك البعض من الفتيات, يتعجلن في الموافقة على أول خاطب لهن, وتتوهم أنه سيكون شخصا لطيف الطباع, دمث الخلق, دون أن تستوثق من شخصيته, وتندفع في قبوله اندفاعا أعمى؛ فقد يمضي بها العمر, ولا تتزوج! وصدق القائل :
ورزقك ليس ينقصه التأني
وليس يزيد في الرزق العناء
نعم فالزواج رزق من الله تعالى, ولن تتزوجي إلا زوجك الذي كتبه الله لكِ, في الموعد الذي حدده الله لكِ.
وقرار الزواج هو أهم قرار في حياتك! فأنت لن تتزوجي كل يوم! كيف تندفعين بدون دراسة وتعقل, واستشارة واستخارة, واقتناع ورضا, وأنت لم تسألي عنه وتطمئني لشخصيته, وتهيئي نفسك على مواجهة ما لم تحتسبي من الطبائع والأفكار والتصورات.
تمهلي بنيتي ولا تندفعي, فكم من فتيات تسرعن في هذا القرار, حتى وقعن في أسر رجال, هم أبعد ما يكونون عن صفة الرجولة! لغتهم: السب والضرب, وطبعهم: الهجر والطرد, وحياتهم: الفحش والسكر، يفهمون القوامة والرجولة على أنها عنف وتعسف, واستبداد وتسلط! بعضهم لا يعرف من الإسلام إلا اسمه, ولا من القرآن إلا رسمه! ومن الصعب في هذه الحالة أن نضغط على المرأة التي ابتليت بهذه المصيبة, ونطالبها بالصبر, بل على العكس من ذلك, فإنها إن تصبر على آلام العنوسة وعذابها, أو حتى غصة الطلاق ومرارته, أهون من أن تصبر على رجل يفسد دينها ويدمر نفسيتها ويكدر حياتها ويضيع آخرتها.. ولكن ألست معي أن الاندفاع هو المسؤول عن هذه المشكلة؟! إذن فاصبري ولا تعجلي؛ فإن الصبر ضياء, وحماية من البلا