الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الزاهدين, وإمام العابدين، أما بعد:
فإن الدنيا دار سفر لا دار إقامة، ومنزل عبور لا موطن حبور، فينبغي للمؤمن أن يكون فيها على جناح سفر، يُهيئ زاده ومتاعه للرحيل المحتوم.
فالسعيد من اتخذ لهذا السفر زاداً يبلغه إلى رضوان الله تعالى والفوز بالجنة والنجاة من النار.
إنما الدنيا إلى الجنة والنـــــار طريق *** والليالي متجر الإنسان والأيام سوق
•تعريف الزهد في الدنيا:
تعددت عبارات السلف في تعريف الزهد في الدنيا، وكلها تدور على عدم الرغبة فيها, وخلو القلب من التعلق بها.
قال الإمام أحمد: "الزهد في الدنيا: قصر الأمل".
وقال عبد الواحد بن زيد: "الزهد في الدينار والدرهم".
وسئل الجنيد عن الزهد فقال: "استصغار الدنيا، ومحو آثارها من القلب".
وقال أبو سليمان الداراني: "الزهد: ترك ما يشغل عن الله".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة".
قال ابن القيم: "والذي أجمع عليه العارفون: أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا، وأخذه في منازل الآخرة"!!
فأين المسافرون بقلوبهم إلى الله؟
أين المشمرون إلى المنازل الرفيعة والدرجات العالية؟
أين عشاق الجنان وطلاب الآخرة؟